ما لذي يجب عمله أمام العدوان السعودي على اليمن؟

أحداث يوم الجمعة يوم عيد الأضحى

بسم الله الرحمن الرحيم

اليمن ـ صعدة
27/11/2009م

بينما يحتفل المسلمون (بعيد الأضحى المبارك) ويؤدي حجاج بيت الله الحرام مناسك الحج وتعيش الأمة فرحة العيد، قام الطيران السعودي بقصف (منطقة فوط - مديرية ساقين) وسقط ضحايا في صفوف المواطنين سنوافيكم بتفاصيل لاحقة فور ورودها.وفي (مدينة ضحيان - مديرية مجز) قصف الطيران اليمني المدينة ودمر منزلاً تدميراً كلياً، وقصف أيضا ( منطقة العند) ويستمر القصف السعودي على الأراضي اليمنية في (مديرية الملاحيط ومديرية شدا ومديرية ساقين ومديرية حيدان) .

وفي بقية الجبهات قصف مدفعي وصاروخي متقطع حتى كتابة هذا الخبر .
 


المكتب الإعلامي للسيد / عبد الملك بدر الدين الحوثي
10/ ذو الحجة / 1430هـ 


المنبر نت- السفير اللبنانية

بقلم فؤاد ابراهيم: باحث في الفكر السياسي من السعودية

«أخرجت الأرض أثقالها في الحرب الدائرة في شمال اليمن، فقد وضعت الطبيعة كل ثقلها مع المقاتلين الحوثيين»، وبحسب أدبيات المقاومات الدينية، «لقد سخّر الله الجبال، والصخور، والأشواك، وحتى الطيور والزواحف، لتحارب إلى جانب المقاومين». عبارة تسمعها في صعدة، كما سمعتهافي الضاحية الجنوبية وبنت جبيل في لبنان بعيد وقف الأعمال العدائية في 14 أغسطس 2006، كما سمعناها في بيت حانون، وجباليا، ودير البلح في قطاع غزة في العدوان الاسرائيلي في ديسمبر 2008 ـ يناير 2009. للمتربّصين بالمقاومـات عمــوماً الدوائر أن يعثروا على مشتركات بين صعدة والضاحية وخان يونس، لنـسج دسيسة الضــلوع الإيراني، لكن، وحدهم المقاومون من يتقنون لغة الفرز..

لا، ليست إيران علامة الفرز هذه المرة، مهما بلغت قدرة المرايا المهشّمة على تشويه الواقع في اليمن، وليس «حزب الله» ولا حتى حركة «حماس» من نقل نموذجه إلى صعدة. بكلمة مختصرة، إنها تجربة محلية الصنع بامتياز.

وبطبيعة الحال، فإن الجماعة الحوثيّة، شأن كل مقاومات الدنيا، قرأت بعمق أدبيات وتجارب حركات الممانعة من أميركا اللاتينية الى الصين، مروراً بالمحيط الى الخليج، وتلمّست جدارة هضم دروس المقاومة في لبنان وفلسطين.

للتجربة الحوثية خصوصية، شأن خصائص أخرى تنفرد بها اليمن على مستويات دينية واجتماعية وثقافية. فما يلفت في اليـمن حتى فترة قصــيرة ماضـية، أن التعـايش المذهبي بين الشافعية والزيديــة يمثل، دون مبالغة، أرقى شكل للتعــايش في الشرق الأوسـط، يفصح عنه التزواج بين أتباع المذهــبين، والمناشط التجارية المشتركة، وغياب عناوين مذهبية للمساجد والجوامع. فماذا جرى إذاً في ما بعد؟

حين زرت صعدة العام 1991، كان (حزب الحق)، التظهير السياسي الأولي للحوثيين، لم يتجاوز عدد أعضائه مئة عضو يتوزّعون بين محافظتي صعدة وصنعاء. في ذلك الوقت أيضاً، لم تحسم الإجابات عن الأسئلة الكبرى في البناء العقدي الزيدي حول مبدأي الدعوة والخروج، بوصفهما ركني المدرسة الزيدية، ومصدري تمايزها التاريخي والشيعي، إلى جانب وظيفتهما في توليد المشروعية الدينية والتاريخية لأي حركة زيدية معاصرة. استمعت، حينذاك، لآراء وصفت بأنها إصلاحية في الفكر الزيدي، في ما يرتبط بعقيدة الخروج، وقال أحدهم بأن الزمن كفيل بتبدّل مفهوم الخروج، فقد يأخذ معنى الخروج بالسيف في زمن ما، وقد يرتدي معنى التصدّي للشأن العام بوسائل سلمية، أو حتى الاضطلاع بدور قيادة المجتمع. كان ثمة سؤال حائر يحوم حول: كيفية توفير مصدر مالي للجماعة، ومن يجسّد القيادة في المجتمع الزيدي، من أجل البدء بدورة إحياء التراث الزيدي، وإعادة بناء الصورة التاريخية لليمن.

وحين اندلعت الحرب الأولى بين الحوثيين ونظام الرئيس علي عبد الله صالح في العام 2004، شعرت كأن الإسلام الزيدي قد حسم سؤالي المصدر المالي والقيادة، وها هو خلال عقد ونصف العقد يشهد حركة إحيائية ناشطة، ليعيد تركيب هويته لا على أساس الانغلاق على شريكه التاريخي والديني: الشوافع، لكن على قاعدة درء خطر الاضمحلال الذي واجهه منذ منتصف التسعينيات، واشتدّت ضراوته منذ العام 2004، وعلى وجه التحديد بعد تسلّل الوهابية الى المعقل التاريخي للزيدية، صعدة، التي كنت أصوّرها على أنها بمثابة قمّ اليمن، أو نجف العراق. دخلت الوهابية إلى صعدة عبر رجال دين يمنيين انتقلوا الى الوهابية وتبنّوا مشروع (التبشير المذهبي)، وتم تشييد المساجد والمدارس في ضواحي المديرية، بإشراف الشيخ مقبل الوادعي، السلفي اليمني، وبدأت لغة تكفير المحيط الزيدي ترتفع، حتى تسرّبت إلى داخل بيوت العوائل الزيدية العريقة، وزاد على ذلك الغطاء الرسمي الذي حظيت به الحركة الوهابية في محافظة صعدة، الأمر الذي أثار هلعاً في الوسط الزيدي بأن ثمة مخططاً لمحو الهوية الزيدية، واستئصال بيولوجي للمجتمع الزيدي عموماً.

ومن المفارقات التي تنفرد الوهابية في توليدها، فقد استكملت الزيدية في اليمن شروط إعادة ولادتها الثورية تحت تأثير أخطار محدقة، اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية، فأعادت حمل لواء إمامها من أهل البيت زيد بن علي بن الحسين، الذي مثّل امتداداً ثورياً لعاشوراء الحسين.

لقد أنجب الحلم السلفي نقيضه الأيديولوجي والسياسي، فالتبشير المذهبي في شكله الاستفزازي، فجّر انتفاضة زيدية لم يعد منذ العام 2004 يمكن إخـمادها، فالجـماعة الحوثية، بوصفها تمظّهراً للاحيائية الدينية والسياسية في بلاد الزيود باليمن التاريخي، تحــوّلت إلى حـركة إنـقاذ وطني لغـالبية أتباع المـذهب الزيدي. لـقد قدّمـت عائلة الحوثي، وهي من سلالة البيت النبوي، عشرات الشهداء في الحروب الخمس الماضية، فأربعة من أخوة القائد العسكري للجماعة الحوثية حالياً السيد عبد الملك الحوثي قتلوا في الحروب الثلاث الأولى، وأبناء أخوته وعمومته بين شـهيد ومعتقل.

في الحرب الاولى، لم يكن لدى الجماعة الحوثية سوى 300 مقاتل، مع قلة العتاد ونقص في المؤن، أما اليوّم فبحسب مصدر حوثي، فهناك نحو عشرين ألف مقاتل، عدا العناصر المدنية. لا تشعر القيادة الحوثية اليوم بقلق بشأن عدد المقاتلين، ولا كمية السلاح، ولا حتى التموين. يقابل الحوثيون نبأ الحصار البحري السعودي لمنع وصول السلاح اليهم بسخرية مع نكهة ازدراء، ويردّون على ذلك بالقول: لم تصلنا قطعة سلاح واحدة من البحر منذ الحرب الاولى، أي 2004، وليس لنا تواجد هناك، فكل ما نحتاج إليه نحصل عليه في الداخل وكذلك من المؤسسة العسكرية اليمنية، وتجّار السلاح التابعين للرئيس.

سألت قائداً حوثياً، هل لديكم إمكانية للسيطرة على العاصمة، صنعاء، قال بكل ثقة: نعم، لكن لم نفعل، لأسباب سياسية بدرجة أولى، لأن السيطرة على صنعاء تعني تخويف القوى السياسية في الداخل والخارج من أننا نريد إطاحة نظام علي عبد الله صالح والحلول مكانه، ونحن نريد، والكلام له، طمأنة الجميع من أن كل القوى مسؤولة عن اليمن ولها حقوق متكافئة فيه.

جلاسنوست يمني أم رأس النظام

تخبر مصادر حوثية وإقليمية وغربية قبل التدخل العسكري السعودي المباشر في 3 نوفمبر الجاري بأن نظام الرئيس علي عبد الله وصل نقطة الفناء الافتراضي، فلم يعـد قادراً على ضبط الأوضاع المحلية على وقع تفتّتات متسلسلة تسري من الشمال الى الجنوب، ولا بد من مبادرة إنقاذية لوقف الانهيار، وانفجار الفوضى التي قد توفّر بيئة عالية التخصيب لنشاطات القاعدة.

في الرؤية الأميركية، تبدو حكــومة علي عبد الله صالح ضعيفة، وليس لديها القدرة على التحكّم في المنافذ الحيوية خصوصاً خليج عدن وحـضرموت، وإن أي تصدّع يصــيب بنية الدولة اليمنية الحالية، يعني شحن الميول القومية والمذهبية، بما يؤول إلى تقويض أسس الاستقرار وربما انفلاش الوحدة اليمنية في نهاية المطاف.

وفي حديث خاص مع عضو في مجلس الشورى السعودي حول التطوّرات الراهنة في اليمن، فإن الأميركيين لم يعارضوا من حيث المبدأ تقسيم اليمن، لكن منطق المصلحة يملي عدم المضي مع خيار من هذا القبيل.

وقد تلتقي هذه الرؤية مع ما نقله قــيادي حوثي من أن نقطة التصادم بين الرؤيتين الأميركية والسـعودية تتــمثّل في إصـرار الجانب الأميركي على رفض نقل السلطة من الرئيس علي عبد الله صالح الى حزب الإصلاح الحليف للسعودية. وتقوم الرؤية الأمـيركية ليس فقط على مجرد رفــض وصول أحزاب دينية إلى رأس السلطة، بل أيضاً على تجربة الحروب الأخيرة في اليمن، التي خــسر فيها رجال السلطة في صنعاء جزءا جوهرياً من مصداقيتهم.

فبينما كانت الــسلطة اليمنية تحمّل جماعة الحوثيين مسؤولية اختطاف الأجانب، سدّد الجهاز الأمني التابع للجماعة ضربة قاصمة في قضية اختطاف وقتل ودفن خمسة من الرعايا الألمان، حيث تسلّمت السلطات الألمانية تقريراً تفصيلياً عن مجريات الحادثة منذ لحظة الاختطاف ومن هم المسؤولون عنه، مروراً بالنقاط التي عبروا منها أو توقفّوا فيها، وصولاً الى موضع قتلهم ودفنهم. طلب الحوثيون من السلطات الألمانية التحقّق من المعلومات عبر استدعاء مسؤولين أمنيين يمنيين ورد اسماهما في التقرير.

في الرؤية السعودية، وبحسب عضو في مجلس الشورى السعودي، أن أميراً قوياً في الداخل ومقرباً جداً من الإدارة الأميركية، يساند المعارضة في جنوب اليمن، وقد يكون ثمة ربط بقـرار الحرس الملكي السعودي إنشاء قاعدة عسكرية في الربع الخالي. وقد تكون هناك علاقـة ما لتحفّظ قادة الحراك الجنوبي إزاء الانفتاح على الحوثيين.

يأخذ الانقسام في الرؤية ثنوية مخاتلة أحياناً، فالمعارضة الأميركية للمقاربة السديرية للمسألة اليمنية تأخذ شكل تنسيق مع جناح القصر. فأميركا التي كانت تملك قاعدتين عسكريتين في الربع الخالي منذ أعوام تجد في إنشاء قاعدة حديثة سعودية في المنطقة ذاتها بادرة تعبيرية لافتة لناحية إعداد منصّة تنسيق دائمة بين السعودية والولايات المتحدة مخصّصة لإدارة المسرح اليمني.

الأميركيون عارضوا قرار التدخل العسكري السعودي في الحــرب، وأبلغوا القــصر بأن قراراً خطيراً من هذا القبيل قد يسفر، في حال فشله، عن انفراط عرى الاستقــرار واندلاع شرارة حرب أخرى، ينزلق بعدها اليمن نحو الفوضى، بما يجعل السيطرة عليها أمراً بالغ الصعوبة إن لم يكن مستحيلاً، وسيكون ذلك على حساب الاستقرار في السعودية واليمن الرسمي.

يظهر من استعجال الجناح السديري في العائلة المالكة الدخول في الحرب، أنه كان مدفوعاً بهاجس المبادرة السياسية التي حظيت بقبول الحوثيين وقوى سياسية وازنة في اليمن مثل الحراك الجنوبي، التي تقضي بإعادة تشكيل السلطة في اليمن على قاعدة الشراكة والتوزيع المتكافئ للسلطة، بما يفضي إلى تخفيض حصة السعودية في الكعكة اليمنية إلى الربع أو ما دون ذلك.

في تفاصيل الحرب، والمناطق التي تجري فيها المواجهات العسكرية ثمة ما يسترعي الانغماس الحذر، لا لعدم إمكانه الفعلي، وإنما لما يثيره من اشمئزاز. يشرح قائد حوثي أهمية مديرية الملاحيط اليمنية المتاخمة للحدود السعودية، بكونها تمثّل معبراً حيوياً لثلاثة أنواع من البضائع: المخدرات، السلاح، ونبتة القات. يقول، بالنسبة لنا كمقاتلين في سكان صعدة، ليس لنا مطمع في هذا المعبر سوى القات الذي يتم تهريبه من جبال تهامة باعتبارها الأرض النموذجية لزراعة هذه النبتة، أما المخدرات والسلاح فهما بضاعتان محتكرتان من قبل رجال السلطة وعدد من النافذين السعوديين. يعلّق قائد ميداني في الجماعة الحوثية، ستكون القضية في غاية التبسيط حين نختزل الأزمة اليمنية في الملاحيط كأن نقول بأن سيطرتنا على هذا المعبر هي ما دفع الجيش اليمني ثم القوات السعودية للتدخل بشراسة وتكثيف القصف الجوي على هذه المنطقة بهدف استعادة المديرية وإعادة السيطرة على منافذ التهريب.

في الأفق العريض، يبدو أن القيادة العسكرية السعودية أدركت منذ وقت مبكّر أن المعارك مع الحوثيين ليست خاطفة، وأن عملية الإخلاء الواسعة النطاق التي شملت حتى نهاية الاسبوع الماضي نحو 400 قرية جنوبية، وتواصل الحشود العسكرية بالقرب من المناطق الحدودية مع اليمن، لا ينبئان عن نهاية قريبة، ولا يبدو أنهما لأغراض عسكرية فحسب. السعودية، بحسب قيادي حوثي، تريد تسويق مبادرة سياسية مدعومة بالسلاح، كشرط قائد الحملة العسكرية الملكية بإرغام المقاتلين الحوثيين على العودة عشرات الكيلومترات عن الحدود المشتركة، لكن ما ينقص القيادة العسكرية السعودية هو بيانات دقيقة، لأن ما يجري على الأرض عكس ذلك تماماً، وقد يؤدي الى سحب المبادرة من التداول حتى على نطاق محدود.


المنبر نت-آراء ومقالات

ابوبكر عبدالله *

التدخل السعودي في اليمن سياسيا أو عسكريا لا يمكن أن يكون إلا مفتاحا لأزمات كبيرة فعندما ترتفع حرارة النظام تأتي المهدئات من الشقيقة الكبرى لكنها تكون حارقة ومكلفة وفي أحيان على شكل حرائق عابرة للحدود .ما حدث ويحدث على الحدود اليمنية السعودية لا شك يقدم نموذجا على قدرة النظام في الهروب من الأزمات من طريق اشعال الحرائق فالحرب الضروس التي اشتعلت فجأة على خط الحدود بين الجيش السعودي والحوثيين كانت في الواقع صناعة يمنية سعودية بامتياز لكن الأشقاء كانوا هذه المرة أكثر حنكة وقدرة على خطف ما يريدون قياسا إلى الآخر الذي بدا أشبه بأعمى يقود ذئبا إلى قطيع أغنام على أنه كلب حراسة .

صباح الثلاثاء 3 نوفمبر الماضي أفاق اليمنيون على وقع حرب كبيرة من دون مقدمات عنوانها انتهاك مسلحين حوثيين للسيادة والأراضي السعودية في جبل الدخان ليتحرك بعدها الجيش السعودي بعدته وعتاده مخليا القرى فيما باشرت طائرات التايفون عمليات قصف جوي وبري طاول عمق الأراضي اليمنية وشرد مئات اليمنيين المدنيين من قراهم على خط الحدود من دون أن يتحدث أحد عن انتهاك للسيادة .

في يومين وربما أكثر تداعت الأحداث على الحدود بحرب هيمنت تفاعلاتها على وسائل الإعلام العربية والدولية التي قدمت الحوثيين كدولة عظمى تهدد الجارة الكبرى فاتحة الطريق لعملية عسكرية متعددة الأهداف .

لم يكتف الجيش السعودي في عمليته العسكرية باخلاء جبل الدخان والقرى المجاورة له من المتسللين بل ذهب إلى أبعد من ذلك بالإعلان أنه لن يوقف قصف المناطق الحدودية إلا بعد أن يتراجع المتمردون لعشرات الكيلومترات من خط الحدود لتكون مناطق يمنية حدودية عدة بما فيها مديريات مثل الملاحيظ وقطابر ورازح وأجزاء من مران خاضعة للهيمنة السعودية .

وطبقا لتقارير منظمات الإغاثة الدولية فقد طردت السلطات السعودية مئات اليمنيين الذين كانوا نزحوا إلى أراضيها ما انتج زحاما شديدا على مخيم المزراق بمحافظة حجة ، أما عمليات التمشيط التي باشرها الجيش السعودي بحثا عن المتسللين فقد تجاوزت الأراضي السعودية إلى مواطني المناطق اليمنية الحدودية وتخطى ضحاياها حاجز الثمانية آلاف معتقل.

صناعة سعودية

الحرب التي صنعها الإعلام السعودي بدت كبيرة ومفاجئة بل وصعقت الجميع حتى أن بعض المسؤوليين اليمنيين كانوا يتابعون أخبارها على الفضائيات باندهاش تماما كما حال العسكريين الذين تابعوا تفاصيلها من محطات الراديو غير مصدقين ما يحدث رغم أنهم على بعد أمتار من الجبهة لكن الجميع كان يشعر أن ثمة تدخل سعودي في الشأن اليمني وانتهاكا للسيادة وربما شعر الجميع بعنجهية سعودية قصمت الظهور.

وحتى اليوم لا يزال الشارع اليمني يعيش فصول صدمة فعملية الغطرسة التي شنها الجيش السعودي على الجانب اليمني من الحدود بذريعة مواجهة تمدد الحوثيين كان مقررا أن تكون خاطفة غير انها تمددت وخرجت عن مسارها بعدما أظهرها الإعلام السعودي الفائق القوة والحضور والتأثير حربا إقليمية لمواجهة تهديد إيراني بدء يلوح على الخاصرة الجنوبية للمملكة.

أدارت السلطات السعودية حربها لتحرير وتأمين الحدود باعلام فائق التأثير تعدى تأثيره الشارع الخليجي والعربي إلى اليمني الذي خضع هو الآخر لحملة دعائية حولت عمليات تسلل لبعض الحوثيين واشتباكهم مع دوريات حرس الحدود في محيط جبل الدخان إلى واحدة من أخطر حروب القرن .

بسبب غياب الإعلام اليمني في هذه التداعيات وتدفق المعلومات من جانب واحد كانت الأنظار متركزة على ما تقوم به المملكة لتأمين حدودها في حين كانت العديد من القرى اليمنية الحدودية قد أخليت من السكان جراء القصف الجوي السعودي الكثيف لتعلن بعدها وسائل الإعلام السعودية أن حملة الاعتقال والمطاردة التي نفذتها دوريات الجيش السعودي أوقفت أكثر من 8 آلاف يمني تم الزج بهم في السجون أو في مخيمات توقيف المتسللين .

وقع المفاجآت في هذه التداعيات لم يتوقف إذ سارعت الرياض إلى الإعلان من جانب واحد جزءا من الشريط الحدودي بين البلدين " منطقة عسكرية " تلاه إعلان من جانب واحد أيضا لمنطقة عازلة لعدة كيلو مترات في داخل الأراضي اليمنية ثم بدأ قواتها حصار بحري في السواحل الشمالية الغربية لليمن وفرضها إجراءات تفتيش لأي سفن قادمة إلى السواحل اليمنية بذريعة منع إمداد السلاح الإيراني للحوثيين .

كل ذلك حدث بصورة سريعة أربكت في في الواقع النظام اليمني كما الشارع الذي وجد نفسه يتابع فصول إنجاز سعودي فاق التوقعات مقابل خذلان وانكسار يمني غير مسبوق .

لماذا الآن ؟

لعقود ظلت أجزاء من الشريط الحدودي البري والبحري بين اليمن والمملكة وبخاصة المأهولة بالسكان مناطق مفتوحة حتى أن اتفاقية جدة الحدودية قضت بإخلائها من المواقع العسكرية لعدة كيلومترات وحددت مناطق رعي وصيد مشتركة تصل إلى عشرين كيلومترا برا تماما كما حال اتفاقية الطائف لكن هذه المناطق تحولت في ليل إلى "منطقة عسكرية سعودية" برا ومنطقة تفتيش ورقابة سعودية بحرا .

في الواقع كان الحوثييون هذه المرة الحقيبة الدبلوماسية التي اخفت الشقيقة الكبرى بداخلها أهداف عمليتها العسكرية على الحدود فخلف الدعم السعودي لليمن في حربه على التمرد وتحركها لمواجهة التدخلات الإيرانية في المنطقة كان ثمة كوفية سعودية تحاك خلف الأكمة اخفت مشروع الرياض القديم الجديد ببناء الجدار العازل على الشريط الحدودي خصوصا بعدما انتجت التداعيات مع الحوثيين مناخا مثاليا لانجازه .

لسنوات ظلت السلطات السعودية حائرة بل وتبحث عن ذريعة لتجاوز العوائق التي فرضتها اتفاقية جدة الحدودية للشروع ببناء جدارها العازل الذي كان موضع اعتراض السلطات اليمنية لكنها في الواقع استثمرت محاولة استدعائها من قبل السلطات اليمنية لمواجهة الحوثيين لتنفيذه بموافقة ومباركة من اليمن .

مناورة افتراضية

قفزا على التفاصيل التي تحدثت بداية عن عمليات تسلل لبعض المسلحين الحوثيين إلى جبل الدخان أدارت الماكينة الإعلامية السعودية القضية على هيئة حرب إقليمية أطرافها تبدأ في صعدة والرياض ووصولا إلى طهران .

لعل البعض يذكر أن وسائل الإعلام السعودية كانت وحدها في مكان الحدث وتنشر تقارير المعارك الدائرة على الحدود بصيغ مبالغ فيها عن ضحايا بالمئات وعمليات إخلاء واسعة طاولت البشر والماشية وحتى العقارب والأفاعي ومن فوق الرؤوس كانت مئات الصواريخ والقذائف تنهال على الحدود اليمنية ليتحول جبل الدخان فجأة إلى أرض سعودية منتهكة حتى أن صنعاء تناست أنها كانت حتى قبل أيام قليلة تقول أن الجبل أرض يمنية مسيطر عليها من قبل الجيش.

وبعد أيام من خضوع الشارع اليمني لأكبر وأخطر عملية دعاية إعلامية سعودية يظهر الأمير خالد بن سلطان نائب وزير الدفاع السعودي بتصريحات أعلن فيها أن ما حدث ليس حربا وإنما " عملية تعقب لمتسللين" متحدثا عن حصيلة هزيلة في مقتل ثلاثة جنود وجرح 15 باصابات طفيفة وفقدان أربعة مختتما تصريحاته بالإعلان عن إقامة منطقة عسكرية على الحدود .

أنكشف الغطاء إذا فالهدف من الحملة العسكرية المباغتة لم يكن الخطر الحوثي الإيراني بل التأسيس لواقع جديد يساهم في أعادة الحياة للمشروع السعودي المتعثر على الحدود وهو بناء الجدار العازل الذي كان يحتاج إلى عملية كبيرة تخلط الأوراق وتحول منطقة الحدود المشتركة منطقة عسكرية سعودية تسكت الأصوات المعارضة وتتيح انجاز هذا المشروع الذي طالما جوبه بمعارضة يمنية وعربية ودولية وتحولت فجأة إلى تأييد واسع النطاق !

لماذا كل هذا ؟

حالت معاهدة الحدود (جدة 200) التي أفرد لها ملحقا خاصا هو الملحق الرابع دون طموحات النظام السعودي في تنفيذ مشروع الجدار الفاصل بين البلدين خصوصا وأن الملحق جعل المناطق الآهلة حدودا مفتوحة تحكمها تقاليد وأعراف سكان المناطق الحدودية كما تضمن بنودا تمنع البلدين من أقامة قواعد عسكرية أو حشد قوات على مسافة أقل من عشرين كيلو مترًا على جانبي الحدود ما حال دون مضي الرياض في مشروعها لسنوات .

لكن الوضع تغير تماما بعد إقحام صنعاء الرياض في حربها ضد الحوثيين إذ اتاح التدخل العسكري السعودي في المنطقة واقعا جديدا ساعدها في إعلان هذه الخط الحدودي منطقة عسكرية بل و"منطقة قتل " وفقا لتصريحات نائب وزير الدفاع السعودي لتتجاوز الرياض بذلك محنة كبيرة طالما واجهتها في مشروعها العملاق .

من المجازفة القول أن السعوديين حشدوا قواتهم على الحدود ليحلوا محل قوات الجيش اليمني في حربها ضد الحوثيين فهم يدركون ماذا تعني حرب العصابات التي أرهقت الحكومة اليمنية منذ العام 2004 كما يعرفون تماما ماذا تعني لهم جبال صعدة التي كانت الجدار حال ذات يوم من مشاريع إسلافهم التوسعية في ثلاثينات القرن الماضي وفوق ذلك فهم يدركون أن تورطهم في حرب قد تكون مذهبية في منطقة ملتهبة مثل صعدة مثخنة بمشاعر التعبئة المذهبية والأحقاد والثأرات ربما يحولها إلى بركان قد يزيد من حجم الضغوط التي تعانيها كدولة لها سجل حافل في قمع الحريات الدينية والمذهبية .

لعل أحدا من اليمنيين بما فيهم المحللون عجزوا تماما عن فهم ما يدور فالتدخل السعودي بالمستوى الذي بدا عليه خلال الأيام الماضية كان آخر الاحتمالات الممكنة في معادلة الصراع بصعدة لكن السعوديين في المقابل كانوا أذكياء للغاية في إدارة هذه الأزمة التي أظهرت عدم كفاية النظام اليمني في إدارة الأزمات مع الخارج خصوصا وهم نجحوا تماما في فرض واقع جديد أتاح لهم فرصة تنفيذ ما يريدون تحت غطاء الدفاع عن السيادة .

ماذا جنت اليمن ؟

يمكننا من اليوم إذا الحديث عن سجل حافل بالخسائر من جانب اليمني أولها ما حملته تصريحا نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلطان الذي أعلن قبل أيام بكل ثقة أن " المملكة لن توقف ضرباتها الجوية إلا بعد أن يتراجع الحوثيين عشرات الكيلومترات داخل حدود اليمن في حين أنه يعلم أن الحوثيين ليس لهم وجود في مناطق الشريط الحدودي في حين أنه أكد "استعداد الجيش السعودي إبادة أيا من كان إن حاول التسلل إلى الأراضي السعودية ليغلق بذلك ربما إلى الأبد قضية بالغة الحساسية لدى سكان الحدود من الجانب اليمني الذين كانت معاهدات الحدود أتاحت لهم مميزات خاصة في التنقل والنشاط التجاري الرعوي بين البلدين فيما صاروا اليوم تحت طائلة النيران السعودية .

ومن المؤكد أن أي تغيير في التركيبة الديمغرافية بمناطق الحدود لن يكون مقصورا على على الحدود في محافظة صعدة فقط بل سيمتد إلى مناطق أخرى في حضرموت وشبوة وحجة وعلى السهل التهامي وهكذا دواليك .

أكثر من ذلك في تصوري يكمن في تصريحات المسؤول السعودي التي قال فيها إن عودة أهالي القرى السعودية الحدودية التي تم اخلاؤها مساءلة متروكة للتقديرات السياسية ما يعني أن المنطقة الحدودية بين البلدين قادمة على مشروع خطير للغاية يستهدف إحداث تغيير قسري في تركيبتها الديمغرافية ربما لحسم قضايا من نوع ملكية الأرض والمساكن وتحديد الانتماء والتوطين والخصائص السكانية وآليات التوزيع لمجتمعات سكان الحدود .

ما يؤيد ذلك أن مئات اليمنيين من سكان المناطق الحدودية أخلوا قراهم هربا من القصف السعودي فيما أختار آخرون اللجوء إلى المملكة كمواطنين سعوديين بعدما جعل الجيش السعودي المنطقة خالية إلا من بارود الصواريخ وقذائف المدفعية فيما أكملت الدوريات السعودية التي باشرت حملات اعتقال طاولت الآلاف ما تبقى .

ويبدو الحديث عن الخسائر أشبه بطوفان فمن جانب آخر خلف التدخل السعودي في الحدود اليمنية وإن لم تتكشف أبعاده الحقيقة للناس اليوم حال احتقان في الشارع الذي شعر أن هناك انتهاكا للسيادة تحت غطاء الحرب على المتمردين .

وأكثر من ذلك الشعور بالخذلان خصوصا وأن السلطات السعودية لم تكلف نفسها الكثير للتخفيف من حدة الشعور المتعاظم لدى الناس بانتهاك السيادة فلغة الغطرسة والعنجهية كانت هي السائدة في تصريحات المسؤوليين السعوديين في حين وسائل الإعلام السعودية من طراز الدرجة الثانية تسويق وعود خجولة وتطمينات عن الأمن والتكامل بين اليمن ومحيطة الخليجي وإعادة أحياء مشروع الاندماج في مجلس التعاون إلى دعوتها دول مجلس التعاون انتشال اليمن من كبوته وإدماجه وتجاوز حدود الأمنيات إلى الشراكة الاقتصادية والتأهيل .

لعلنا في الأيام القادمة سنقف مليا أمام المزيد من السيطرة السعودية على المناطق اليمنية الحدودية مقابل أمنيات بمشاركة الجيش السعودي نظيره اليمني الحرب على الحوثيين للقضاء على التمرد وربما وعود بفتح الطريق للعمالة اليمنية إلى السعودية وتحسين أوضاع المغتربين والدفع باستثمارات سعودية إلى اليمن لكن هيهات فيما ستكون الشقيقة الكبرى قد استكملت أكبر جدار خرساني في التاريخ سيضع بلا شك أحلام اليمن في الاندماج مع دول مجلس التعاون في خبر كان .

.....................//

Abubkr.a@gmail.com

المصدر: صحيفة النداء * 


بسم الله الرحمن الرحيم

اليمن ـ صعدة
27/11/2009م

حاول الجيش السعودي منذ صباح أمس وحتى المساء التقدم باتجاه (جبل المدود) وبعون الله انكسرت الزحوف جميعها، وخلالها تم
تدمير دبابة وتعطيل طقم عسكري.

كما حاول الجيش السعودي التسلل بدون إطلاق نار على (جبل المدود)، وكان تحركهم مكشوفاً وتم ضربهم وقتل عدد كبير منهم
ولاذ البقية بالفرار.

وفي نهار أمس قام (موقع القفل) بإطلاق (8 ) قذائف دبابة باتجاه (منطقة آل عمار) وغارة جوية واحدة على (الجبل الأحمر).

واستمر القصف الصاروخي والغارات الجوية السعودية طوال الليل على (مديرية الملاحيط ومنطقة الحصامة وجبل دخان وجبل المدود).

وفي الساعة (9:00) مساء أمس قامت طائرات الميج اليمنية بغارة جوية على (منطقة المقاش).

وقام (معسكر كهلان) مساء أمس بقصف صاروخي ومدفعيي متقطع على (مناطق المقاش وبني معاذ والطلح والمناطق المحاذية لمدينة صعدة)
 
 
 
المكتب الإعلامي للسيد / عبد الملك بدر الدين الحوثي
10/ ذو الحجة / 1430هـ