ما لذي يجب عمله أمام العدوان السعودي على اليمن؟

بسم الله الرحمن الرحيم

اليمن ـ صعدة
7/3/2010م

ضمن الخطوات التي وجه بها السيد / عبد الملك بدر الدين الحوثي، والمتضمنة إنهاء التمترس.  تم اليوم وبإشراف اللجنة إخلاء المواقع في الجبال المطلة على (مدينة صعدة) من الجهة الجنوبية في مناطق (وهبان، والقفل، والمصارية) وعددها (20) موقعاً.
 
وتأتي هذه الخطوات لتؤكد حرص أبناء المناطق التي شهدت الحرب ورغبتهم في السلام ورفضهم للحرب، وإنما مواجهة العدوان الذي فرض ذلك.
 
المكتب الإعلامي للسيد / عبد الملك بدر الدين الحوثي
21/ ربيع الأول / 1431هـ 

 الكاتب عبد الباسط الحبيشي:

أنتهت المعركة في صعدة بحمدالله ، لكن لم تنته الحرب التي إتخذت عدة مسارات سياسية وأرتبطت  بأطراف محلية ودولية عديدة. ولم يعد الحاكم علي عبدالله صالح سيد الموقف كما كان في السابق القريب عندما كانت عملية إيقاف الحرب الخامسة في صعدة لا تتطلب أكثر من مكالمة هاتفية لذلك لجأ للتعويض عن هزيمته بالتهكم على السجناء الحوثيين وذلك من خلال خطابه يوم الثلاثاء 2 مارس 10 وسخريته بمستواهم التعليمي الرسمي البسيط متناسياً بأنه  لم يحصل هو نفسه على الإبتدائية عندما تولى الحكم ، ومحاولة إنكار بأن السيد/ حسين بدرالدين الحوثي سيده أيضاً إن هو زيدي المذهب كما يدعي ، مثل ما أن الشيخ الشاطبي شيخه الطبيعي في منطقة سنحان إن كان هو من سنحان ، والأغرب أنه نصح بقراءة كتاب الشوكاني بدلاً من قراءة ملزمة سيده حسين الحوثي كما ذكر مخاطباً أحد السجناء بأسلوب إستفزازي وإستعراضي أجوف يدل على عقدته بالدونية والنقص متشبهاً بالعلماء وهو نفسه لم يقراء لا للشوكاني أو ملزمة سيده حسين أو لغيرهما ، كونه لا يعرف من هو الإمام الشوكاني ومنحاه السلفي السني رغم  بيئته الزيدية.

لذا لزم التذكير بأن  حرب صعدة الأولى إندلعت نتيجة فشل المناورات السياسية  التي درج الحاكم صالح على اللعب عليها في إطار التوازانات السياسية داخل البلاد متماهياً مع طرف خارجي يمارس لعبته الطائفية
بمساعدة حزب التجمع اليمني للإصلاح الوجه الآخر للسلطة من خلال تكريس المذهب الوهابي في محافظة صعدة ، التي تعتبر مركز المذهب الزيدي وقلعته العتيدة في اليمن ، وذلك من خلال  مركز دماج والمدارس التابعه له منذ الثمانينات من القرن الماضي. فتمادى هذا التبشير الوهابي في صعدة لدرجة إحتلال مساجد الشيعة الزيدية وإضطهاد علمائها ونشر الكتب المشوهة للشيعة في إطار حملة طائفية محمومة ومنحطة أخلاقياً ودينياً.

خروج حركة الحوثي إلى النور ، التي إنبثقت  من حركة الشباب المؤمن التي ساعد في إنشائها في التسعينات الحاكم صالح نفسه كجزء من لعبته على التوازنات السياسية حتى لا يطغى حزب الإصلاح على المشهد السياسي ، وضع حد لهذا التوغل الوهابي من خلال إعادة نشر وتثبيت المذهب الزيدي عن طريق مقارعة الحجة بالحجة  والفكر بالفكر فكشف وأزاح الوهابية  مما أحرج الحاكم صالح ومساعده السلفي الوهابي علي محسن الأحمر أمام الممول الداعم الخارجي للحركة الوهابية المتمثل بآل سعود ،  فأضطر النظام إلى قمع حركة الحوثي بالقوة العسكرية  فأندلعت حرب صعدة الأولى سنة 2004 وقتل قائدها السيد حسين بدرالدين الحوثي.

لم تتمكن الحرب الأولى من تحجيم الزيدية وأنصارها كما كان متوقعاً بل ضاعف من جذوتها ، فضلاً عن أنها زرعت منتفعين كثر من تجار السلاح ولوردات الحروب والطابور الخامس وغيرهم من الطوابير المختلفة وعلى رأس الجميع
حاكم صنعاء الذي أعجبته اللعبة فاستمراء الإبتزاز الرخيص ضد دول الجوار على حساب اليمن ومواطنيه. فأندلعت الحروب العديدة منذ 2004 حتى وصلت إلى الحرب السادسة التي تضع أوزارها خلال هذه الأيام.

بيد أن الحرب السادسة لم تنتهي على نحو ما أنتهت إليه سابقاتها بمكالمة هاتفية ، بل كادت أن تصل إلى صنعاء لو كتب لها الإستمرار أو لو كان للحوثيون مطامع سياسية في الحكم أو إستثمارات غير شريفة من إستمرار الحرب كما يدعي الحاكم صالح.

لذا تطلب ألإخراج لنهايتها العديد من الوقفات والمحطات السياسية الدولية والإتفاقات السرية مع العديد من الأطراف الإقليمية  والدولية ، ولم يكن الأستاذ حسن زيد والشيخ على كرشة اللذان قاما بالوساطة إلا الواجهة المحلية لهذا الإخراج المحلي لمأزق حرب صعدة السادسة الذي وقع فيه الحاكم صالح وشريكه اللدود علي محسن الأحمر.

قبل أيام من مؤتمر لندن في شهر يناير أعلن السيد/ عبدالملك الحوثي القائد الميداني لحرب صعدة عن مبادرته لوقف إطلاق النار على الجبهة السعودية وأعلن أيضاً بعدة أيام أخرى بعد مؤتمر لندن وقبل مؤتمر الرياض وقف إطلاق النار على الجبهة اليمنية بحجة موافقته على الشروط الخمسة ، ثم الموافقة كتحصيل حاصل على الشرط السادس لاحقاً مما يدل على أن الحوثيين وأنصارهم ، هم الذين  يمسكون بمبادرات السلم والحرب في آن ، كما يدل على وجود وساطات إقليمية ودولية تواصلت مع الحوثيين لإخراج هذه المبادرات إلى العلن.

وصول الحرب السادسة إلى نهايتها ليست بالبساطة التي أنتهت إليها  بعد قتل وتشريد عشرات الآلاف من اليمنيين وإهدار ثروات طائلة من أموال الشعب اليمني لولا وجود طرف خارجي دولي أراد إخراجها بهذه الصورة  وإيقافها عند هذا الحد في هذه الفترة على الأقل حتى يتم ربط هذا التوقف بإنتظار المسارات السياسية الأخرى التي ينبغي أن تلحق جميعها بإستحقاقات الحرب السادسة ومابعدها لتسير جميع المسارات  دفعة واحدة في سياق سياسي يمني موحد ليؤدي إلى النتيجة المرجوة إلتى  تصب في مجرى الهدف الإستراتيجي
الدولي الشامل للقضية اليمنية برمتها.

المسارات  السياسية الأخرى في اليمن تتمثل  في القضية المركزية اليمنية الأولى وهي القضية الجنوبية التي تطالب أطراف دولية وإقليمية  من الحاكم صالح الإعتراف بها  لكنه يتلكأ خوفاً من فقدان الكثير من مصالحه بما فيها كرسي الحكم ذاته ، وهذا التلكؤ ليس من مصلحته ومصلحة اليمن وسيؤدي إلى محاصرته بشكل تدريجي إلى نقطة القضاء عليه.

ومن الجدير بالذكر هو أنه لم تكن لتوجد أي مشكلة يمنية بما فيها حرب صعدة  لولا وجود القضية الجنوبية لا سيما بعد حرب 94 حيث كانت الوحدة اليمنية بعد سنة 90  قد قضت على المعاهد العلمية التي كانت تدرس الوهابية خارج المنهج التعليمي الرسمي ويشرف عليها التجمع اليمني للإصلاح ، لكنها عادت بعد حرب 94  بوتيرة أقوى لدرجة أنها أرادت أن تستفرد بالساحة اليمنية وأن تقصي ماعداها وتقضي نهائياً على المذهب الزيدي حتى في عقر داره  محافظة صعدة.

لكن تقلبات السياسة والمصالح المتشابكة في عالم اليوم جعل من الوحدة اليمنية  مصلحة دولية وإقليمية  وأعداءها في الأمس أصبحوا أصدقاء اليوم ، ومن الأهمية بمكان لهذه المصلحة الدولية أن تحسم القضية الجنوبية ، وما توقف الحرب السادسة لصعدة إلا لإعطاء الفرصة لحسم القضية الجنوبية وليس من أجل وقف الحرب بحد ذاتها لأنه لم يعد هناك متسع من الوقت  لاسيما فيما يتعلق بمسألة الصراع الدولي في منطقة الشرق الأوسط.

إذاً بات الحاكم علي عبد الله صالح مطالب الآن وأكثر من أي وقت مضى في فتح حوار حقيقي مع ألأطراف المعنية بالقضية الجنوبية في الداخل والخارج بحسب قرارات الأمم المتحدة الخاصة بوقف حرب 94 ولجوء الجميع إلى طاولة الحوار إذا أراد أن يضع حداً لانزلاق اليمن السريع إلى هاوية الفشل والتشضي.

bassethubaishi@yahoo.com