ما لذي يجب عمله أمام العدوان السعودي على اليمن؟



موسى النمراني – صنعاء


عندما أوى الطفل أحمد عبد الله عوض إلى النوم على فراشه المتهالك لم يكن يعلم أن هذه الليلة هي آخر ليلة في حياته التي قطفت بسرعة ، صعدت روحه إلى الله بقصف جوي باغت أهله قبيل صلاة الفجر ومع روح أحمد صعدت أرواح كثيرة أزهقتها الصواريخ التي سقطت على قراهم الفقيرة في حين غفلة ولم يواصل الأطفال ألعابهم التي كانوا يمارسونها أثناء الرعي في المساحات الشاسعة التي تفتقر إلى المدرسة .. الحياة مدرستهم القاسية.


كان أحمد قد بلغ الثالثة عشرة من العمر في قرية نائية من محافظة أبين التي تشهد عاصمتها انفلاتا أمنيا منذ أكثر من عام ومع ذلك فهذا الإنفلات لا يعنيه هو وغيره من أطفال البدو الرحل الذين يعيشون على ماتجود به مواشيهم الهزيلة بفعل ندرة الأمطار وقلة الحشائش وانعدام خدمات الدولة .


بعد يوم واحد من تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش عن حقوق الإنسان في الجنوب وكيف أن الدولة قمعت الاحتجاجات السلمية باسم الوحدة واستخدمت العنف لقتل المحتجين توجهت الحكومة إلى قمع واستهداف من لم يحتج أيضا ففي ليلة الخميس 17/ 12/
2009م فوجئت تجمعات البدو الرحل بمديرية المحفد بمحافظة أبين بطائرات حربية تغرقهم بسيل من الجحيم أسفر عن مقتل تسعة وثلاثين إنسانا كانوا يحيون ببساطة بالغة ولا يطمعون بأكثر من حقهم في الحياة ، ثم قال وزير الدفاع اليمني أن قواته شنت هجمة مزدوجة على معاقل تنظيم القاعدة في محافظة أبين ومنطقة أرحب وأن من بين القتلى عناصر أجنبية ووصف العملية بأنها عملية استباقية أفشلت مخططات إرهابية !


يقول ناصر مهدي وهو أحد من تبقى من هذه القرى الثلاث لا نعلم شيء عن تنظيم القاعدة أصلا ولم يأت إلينا أحد من طرف الدولة ليسألنا أو حتى يتجسس علينا لمعرفة الحقيقة .. ويضيف لا نحن من القاعدة ولا حتى ننشط في الحراك ولم يدعنا أحد أصلا للانضمام للقاعدة ولا للحراك ونحن بدو مساكين تهمنا معيشتنا فقط ولا ندري لماذا قصفتنا الطائرات ؟


قتل في الهجوم الجوي تسعة وثلاثون شخصا كلهم من البدو الرحل فيهم تسعة عشر رجلا فقط وخمسة عشر امرأة ما بين حامل ومرضعة وثلاثة عشر طفلا لم يحصلوا على أي خدمة مجانية من خدمات الدولة سوى النقل السريع إلى الدار الآخرة .. ولم تنس الطائرات قصف المواشي التي كانوا يرعونها فقتلت أكثر من مأتي رأس من الغنم إضافة إلى الإبل وغيرها من المواشي التي كانت تعيش مع البدو ويعيشون معها ..
وماتت معهم أيضا.


ولأن محافظة أبين التي وصلت إليها الطائرات الحربية لم تصل إليها الخدمات الطبية فقد اضطر من تبقى من أهل القرى إلى نقل الجرحى إلى محافظة عدن .. وعدد الجرحى ليس كثيرا فذلك القصف لم ينج منه أحد ممن كان متواجدا هناك إلا بالصدفة ولم يتبق سوى طفلين لم يبلغا العام الواحد وعجوز تجاوزت الخمسين وشابين في العقد الثاني من العمر .. كلهم يرقدون مابين الموت والحياة في أحد مستشفيات مدينة عدن .. ويتساءلون من الذي قصفنا ؟ ولماذا قصفنا ؟


من كان خارج القرى عاش ليحيا الفاجعة المرعبة ويوجهون نداء إلى الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان والمنظمات المحلية والإقليمية والدولية للعمل على التحقيق في دوافع هذه الجريمة التي أبادت أقاربهم الذين كانوا يعطونهم معنى للحياة ومواشيهم التي كانت تعينهم على البقاء ودمرت أماكن الرعي والسكنى .


ويناشدون الأمين العام للأمم المتحدة بان كيمون والصليب الأحمر ومنظمة العفو الدولية ومحكمة الجنايات الدولية لمساءلة من قام بقصفهم عن سبب ذلك (لماذا قصفونا هذا القصف العشوائي ؟)


يقول ناصر مهدي وهو أحد الناجين من المذبحة الجوية التي تعرضت لها قرى البدو التي ينتمي إليها (نحن مواطنين مسالمين ونحب اليمن ومع الوحدة ولا ندري لماذا قصفونا ؟ )

0 التعليقات:

إرسال تعليق